بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
إنها كلمات، ورسائل غاليات، أبعث بها من أرض الحجاز، ومهبط الرسالات، لأهلي في أرض الكنانة والبطولات، مصر العروبة والإسلام، وموئل الأبطال والأعلام، وأخص بها الرئيس \"محمد مرسي\" وفقه الله لرضاه، وألهمه رشده وهداه،
أيها الرئيس! لقد كنتم من قبل خائفين فأمَّنكم الله، وكنتم أذلّةً فأعزَّكم الله، وكنتم مستضعفين فنصركم الله، لقد كان أحدكم يخشى على نفسه وأهله وماله بطش الطغاة المتجبّرين، والظلمة المستكبرين، وها أنتم الآن قد أورثكم الله الرئاسة، وبوَّأكم السيادة، وأسكنكم مساكن الذين ظلموا، فادخلوا مصر إن شاء الله آمنين .
أيها الرئيس! لقد تقهقر دَور مصر في عالمها الإسلامي والعربي سنوات طويلة، فشاء الله تعالى أن يجعل بشائر الفلاح، وبوادر الفرج والنجاح، على أيديكم، فعلقت أمة الإسلام آمالها بمصر العروبة والإسلام؛ لتنهض بالعالم الإسلامي قاطبة، فاتجهت إليكم الأنظار، واشرأبّت إليكم الأعناق، فإذا بطموحات الأمة وآمالها ترتطم بهذا الخبر الفاجع، ألا وهو (فتحُ علاقةٍ غير مسبوقة مع الرافضة)!!
وإنها والله كارثة محققة، ونازلة من نوازل الدهر على هذه الأمة عموماً، لا على مصر خصوصاً!! إنه خطب لا كالخطوب، ومصيبة لا تشبهها المصائب والكروب!! أمَعَ الرافضة الصفويين الحاقدين؟!
أفي وقت يتكالبون على أهلنا في الشام فيسفكون دماءهم وينتهكون أعراضهم؟!
أفي وقت تعيش فيه سنة العراق تحت وطأة التعذيب والتنكيل الذي يمارسه عليهم الرافضة؟! أفي وقت ينحسر فيه المدّ الصفوي بعد أن تمدد سنيناً، وبدأ يلفظ أنفاسه بعد ثورة الشام والعراق؛ تكون مصر سبباً في استعادة قوته وزيادة أتباعه، وبوابة لاتساعه وتمدده؟! أمع الذين طعنوا في عرض نبينا، وكذّبوا كتاب ربنا، واتهموا بالفاحشة أُمّنا؟! أمع الذين يصبحون ويمسون لا على التسبيح والتهليل، بل على اللعن واختلاق الأكاذيب والأقاويل، وإلصاق التُّهَم والأباطيل، بأطهر ثُلّةٍ وأشرف جيل، صحابة نبينا صلى وسلم عليه الملكُ الجليل؟!
أما والله - أيها الرئيس - إن أجدادك اللذين فتحوا موطئ قدمك، ما خاضوا غمار الحرب ولا اقتحموا ساحات الوغى؛ إلا نصرة للحق وأهله، وإرغاماً للباطل وحزبه، وإنهم لا يرضون إفساد ما أصلحوه، وتهديم ما بنوه، بإدخال الشيعة الرافضة وتمكينهم من البلاد والعباد.
أيها الرئيس! والله ما طعموا فيها في وقت من هم شر منك فلقد كانت أرض مصر الطاهرة عصبة على الرافضة في زمن اللامبارك والسادات وعبدالناصر، أفتكون لهم لقمة سائغة زمن رئاستك، ووقت ولايتك؟!
وماذا عسى أن يبقى لأهل السنة إذا نخرت دودة الرفض والتشيع في أرض الكنانة، وذخيرة الرجال والأبطال، لا سيما بعد الذي حدث في العراق والشام؟!! ماذا سيبقى لأمة الإسلام إذا ذهبت مصر؟!!
إن الرافضة اليوم لا يخشون شعباً كما يخشون شعب مصر، ولا يخافون رجالاً اليوم كما يخافون رجال مصر، وإن لهم في كل شعب موطئاً وموطناً، وأشياعاً وأتباعاً، إلا مصر، فلم تعجزهم بلدة كما أعجزتهم مصر، ولا أعياهم شعب كما أعياهم شعبها! أتُفتح لهم الآن مصر وقد كانت منهم في حصن حصين، وقرار مكين؟!!
إن الرافضة الذين أنتنت كتبهم بافتراء الأقاويل، واختلاق الأباطيل على أهل مصر، ليسوا أهلاً بأي حال من الأحوال أن يدخلوها آمنين؛ ليجوسوا خلال ديارها مطمئنين!
يقول معمّمهم في ما يسمّى \"بحار الأنوار\" وهو في الحقيقة \"مستنقعات الظلمات\":
(أبناءُ مصر لُعنوا على لسان داود؛ فجعل الله منهم القردة... والخنازير) [بحار الأنوار208 /60].
ويقول: (بئس البلاد مصر..) [بحر الأنوار60/210]. بل يقول هذا الأفّاك أيضاً: (انتحوا مصر-أي: ابتعدوا عنها- لا تطيلوا المكث فيها لأنه يورث الدياثة) [بحر الأنوار 60/211]
{ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف:5].
فما بالهم اليوم قد تداعوا عليها كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها؟! أما والله ما جاؤوا لنفع مصر، ولا أرادوا بها خيراً، وأين الخيرُ من وجه الغراب؟! أولا يكفي هذا الإفك والبهتان، والبغض والشنآن، على أهل مصر، أن نعرف حقيقة القوم، ونميز العدو من الصديق؟!
إن هؤلاء يحق عليهم قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران:118]..
أيها الرئيس! إنه لا يخالجْنا أدنى شك، ولا يساورنا أدنى ريب، في عِظَمِ ما تلاقيه من حملات مسعورة، وما تعانيه من مكايدات مأجورة؛ هدفها إسقاطكم، وغايتها وأد مشروعكم، وإن موازنات القوى، والتخلص من القيود والأعباء الاقتصادية، وإيجاد البدائل والخيارات؛ كل تلك الموازنات والتعقيدات السياسية لا تخفى على ذي لب.
ولكن تذكّر أن هناك ملوك وخلفاء، وقادة وزعماء، من الصحابة والأولياء، قد لاقوا أضعاف ما تلاقيه من الأحوال، وكابدوا أضعاف ما تكابده من أهوال، فما انحنت لأعداء الله هاماتهم، ولا تطأطأت لأذناب الشر رؤوسهم، وإن فيهم أسوة وعبرة، فانهل من ينبوع سيرهم، وارتشف من سلسبيل تاريخهم، وفي التاريخ العبر!
وتذكّر قول الله تعالى عن الطابور الخامس الذي تعاني منه أشد المعاناة: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} [المنافقون:8].
تذكّر قول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر:10].
تذكّر قول الله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس:107]
تذكّر قول الله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر:2]
وتذكّر قول الله تعالى في هؤلاء -وحاشاك أن تكون منهم-: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء:139].
وقوله في هؤلاء -وحاشاك أن تكون منهم-: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:52].
وأخيراً.. تذكّر ثم تذكّر جيداً قول الحق تبارك وتعالى لعباده المؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:28]..
وفقك الله تعالى إلى كل خير، وجنّبك كل شر وضير، وحفظ أهلنا في مصر وفي سائر بلاد الإسلام من كيد الكائدين، وحسد الحاسدين، ونفاق المنافقين، ومكر الرافضة المعتدين..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين..
وكتبـــــــــــــــــه مُحبُّ مصر وأهلها:
عبدالله بن محمد المحيسني